قد يجهل كثيرون أن دليل التنمية البشرية الذي اعتمده برنامج الأمم المتحدة للتنمية في تقريره السنوي منذ 1993 هو من بنات أفكار البروفيسور محبوب الحق وزير المالية الباكستاني، وأستاذ الاقتصاد الجزئي في جامعة كراتشي (1934 - 1998) (رحمه الله) والذي يعتبر رائداً في تطوير نظرية التنمية البشرية، ومؤسساً لتقرير التنمية البشرية في «البنك الدولي» خلال فترة عمله في البنك (1970 - 1982) وكمستشار لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (1989-1996).
ويعتبر هذا الدليل التنموي المركب فتحاً كبيراً وطفرة مميزة وفاتحة خير لابتكار المزيد من الأدلة والمؤشرات «النوعية» في تاريخ التنمية الاقتصادية التي عانت على مدى عقود من الزمن من طغيان الأدلة والمؤشرات «الكمية» التي لا تنفذ إلى عمق تنمية الإنسان ولا تعكس حقيقتها.
ويرتكز دليل التنمية البشرية في حسابه على ثلاثة أبعاد هي الحياة المديدة والصحية مقاسة بمتوسط العمر المتوقع عند الولادة، وبعد اكتساب المعرفة مقاساً بمتوسط سنوات الدراسة الفعلية مقارناً بمتوسط سنوات الدراسة المتوقع، أما البعد الثالث فهو مستوى المعيشة اللائق مقاساً بنصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي بمعادل القوة الشرائية محسوباً بالدولار الأمريكي من أجل توحيد قاعدة الحساب وتسهيل المقارنة بين الدول.
ويتم بعد ذلك تعديل دليل التنمية البشرية المحتسب ليستوعب الفوارق بين الجنسين للتأكد من وجود مساواة في التنمية بينهما من عدمه، فكثير من الدول تفقد مركزها المتقدم بسبب عدم المساواة بين الجنسين، في حين أن بعض الدول تتقدم على دول أعلى منها في الترتيب العام بسبب وجود مساواة أكبر بين الجنسين في جهودها التنموية الموجهة.
ويحسب دليل التنمية البشرية من صفر إلى واحد صحيح ويكون في العادة نسبة مئوية من الواحد الصحيح، وتوزع الدول من حيث مستوى التنمية البشرية إلى أربعة أرباع، الربع الأول للدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً، والربع الثاني للدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، والربع الثالث للدول ذات التنمية البشرية المتوسطة، أما الربع الأخير فلدول ذات تنمية بشرية منخفضة.
وتستأثر الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا الغربية وأستراليا بالمراتب الـ10 الأول في المجموعة الأولى، وإن كانت تتبادل المراكز من عام لآخر، أما على مستوى الدول فنرى الإمارات تقفز 3 مراتب منذ 2006، وبقيمة وصلت إلى 0.846 وهي قيمة قياسية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى في تاريخ التنمية البشرية العربية لتحتل المرتبة 30 من بين 187 دولة دخلت في حسابات الدليل، والمرتبة الأولى بالطبع على مستوى التنمية البشرية العربية، وتأتي بعد ذلك في هذه المجموعة نفسها قطر التي احتلت الترتيب 37 على المستوى العالمي، والثاني على المستوى العربي، فالبحرين في الترتيب 42 على المستوى العالمي والثالثة على المستوى العربي.
